اختلاف العرب حول الطائر العملاق المعروف بـ (العنقاء).. فقد جاء في كتاب ربيع الأبرار (للزمخشري) عن ابن عباس: إن الله تعالى خلق في زمن موسى عليه السلام طائرة اسمها العنقاء لها أربعة أجنحة من كل جانب ووجهها كوجه الإنسان وأعطاها من كل حسن قسطاً وخلق لها ذكراً مثلها. ثم أوحى (إلى موسى) أنني خلقت طائرين عجيبين وجعلت رزقهما في (أكل) الوحوش التي حول بيت المقدس فتناسلا وكثر نسلهما فلما توفي موسى انتقلت إلى نجد والحجاز ولم تزل تأكل الوحوش والصبيان... (وقال نفس الكلام الأبشيهي في كتاب المستطرف والبغدادي في خزانة الأدب)!!
.. غير أننا نجد أيضاً في كتب التراث من يشكك بوجود هذا الطائر العجيب؛ فقد جاء في معجم البلدان لياقوت الحموي: قيل أن العنقاء اسم لملك، وقيل العنقاء اسم داهية وقيل أن العنقاء طائر لم يبق في أيدي الناس إلا اسمها.. أما ابن خلكان فيتهرب من الموضوع برمته (في وفيات الأعيان) وينسبه إلى الزمخشري،
أساطير الحيوانات ( طائر العنقــــــــاء)
العنقاء .
العنقاء أو الفينكس هو طائر طويل العنق لذا سماه العرب "عنقاء" أما كلمة الفينكس فهي يونانية الأصل و تعني نوعا معينا من النخيل، وبعض الروايات ترجع أصل تسمية الطائر الأسطوري إلى مدينة يونانية أخذ المصريون عنها تلك الأسطورة ومن المصريون أخذها الأغريق .
عندما غمرت مياه الفيضان الوادي لم تترك سوى القرى و المرتفعات ، وشاهد أوائل قدماء المصريين طائرا جميلا يخوض الماء أحيانا ، و يجثم على الأكام أحيانا أخرى ، ((إنه بحق ملك العالم المائي ..)) هكذا أطلق عليه قديما.
(إنه الحزين الرمادي ، ذو المنقار الطويل المستقيم ، تزين رأسه ريشتان ممتدتان إلى الخلف . يبدو رائعا و هو يقفز من الماء عند الفجر الوردي ، كما فعلت الشمس عند الصباح الأول .) نص مصري قديم .
عبد هذا الطائر في هليوبوليس مع الشمس نفسها و الحجر الغريب الذي جاء إلى الوجود عند بدء الخليقة ..
كان ظهور الطائر عند إي مدينة إمارة فرح و سعادة و أمل ((يجثم على شجرة الصفصاف المقدسة بتلك المدينة العظيمة.. أنه هو إمارة الفرح و الأمل)) نص إغريقي .
كانت لعودة هذا الطائر الذي لا يظهر حتى يختفي جاعلا الناس على أمل عودته أشبه بعودة السعادة إليهم بعد رحلة حزن ..
وكل طفل يولد في ذلك اليوم الذي يظهر فيه طائرنا ، كان يبشر له بمستقبل جميل وحظا لا مثيل له كحظه في رؤية ذلك الطائر ..
وما إن تظهر العنقاء في الصباح تتألق في مجدها ، حتى يقال ( عادت العنقاء العظيمة!) كان لظهورها كظهور الشمس، بل هي الشمس نفسها ومنها ودلت ..
وكما تحكي الأساطير أن هذا الطائر خلق نفسه ذاتيا وسط المياه الأولى للخلق العالم، و المياه الأولى كما ذكرت الأساطير السومرية و الفرعونية و الإغريقية أيضا، بأنها مياه كانت سببا لبدأ الخليقة و قد أطلق السومريون على هذه المياه الكونية اسم(نمّو) ..
و الفراعنة (بنو) ، و تبعهم في ذلك الإغريق .
ومن هذه المادة الأزلية أنبثق الكون وبظهوره بدأت عملية الخلق و التي انقسمت لخلق ذاتي كما هو الحال من هذا الطائر !
و إلى خلق عن طريق قوى أكبر قادرة على الخلق ..
وتذكر الأساطير الفرعونية بأن كان لهذا الطائر قدرت على التحكم على دورات الحياة البشرية (مراحل عمره) فيعيد الشباب لمن أراد و يسلب شباب من أراد ..
ولهذا شروط و أسباب .
بالع الإغريق كثيرا في معتقداتهم أكثر من غيرهم وألفوا أساطير عن هذا الطائر عجيبة جدا (وكأن ما سبق ذكره ليس بعجيب!)
و أطلقوا على هذا الطائر كما أسلفنا اسم (بنو) وهي كلمة من اللفظ المصري ، تشبيها لمولده بمولد الشمس و من حكمه على الدورات الزمنية ..
وتحكي إحدى الأساطير الإغريقية قصة ذلك الطائر الذي قتل نفسه وسط اللهب ، ثم ولد ثانية من رماد جسمه المحترق ..
((بعـد موت ذلك الطائر فى النار، من رمادها يخرج مخلوق جديد.. دودة لهـا لـون كـاللبـن تتحـول إلـى شـرنقـة، وتخـرج مـن هـذه الشـرنقـة عـنقاء جـديدة تطـير عـائدة إلـى موطـنها الأصلي، وتحمل كل بقايا جسدها القديم إلى مذبح الشمس في هليوبوليس بمـصــر، ويحيـي شـعـب مصـر هـذا الطـائر الـعـجـيب، قبل أن يعـود لبلده في الشـرق.))
كان يظهر بعد ذلك (إي بعد عملية انتحاره) في فترات منتظمة تبلغ كل منها عدة سنوات قليلة!! (( عدة سنوات بالنسبة لهم كانت 500 سنه تبعا لإحدى الروايات و 1000 سنه تبعا لرواية أخرى!!!!! فعلا قليلة)) .
و أخيرا ..
أصبح لظهور هذا الطائر بعد عملية انتحاره و عودته للحياة إمارة نبأ بحدث هام وعظيم ، بعد أن كان إمارة سعادة و أمل .